الحمد لله رب العالمين، باسط الفضل، ومعطي الجميل، ومسبغ النعمة على
الخلق أجمعين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما
بعد:
أيها المسلمون، من نفحات الله وبركاته الفاضلة الجزيلة
علينا في هذا الشهر العظيم؛ هذه الليلة الجليلة التي سميت بـ"ليلة القدر"،
وما
أدراك ما هي!! إنها خير من ألف شهر، قال المفسرون: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]، معناه: "عمل صالح في ليلة القدر
خير من عَمِل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر"[1]. وقال الإمام النووي
-رحمه الله-: "ليلة القدر مختصة بهذه الأمة، زادها الله شرفًا، فلم تكن
لمن قبلها". وقال أيضًا: "ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة، ويستحب طلبها
والاجتهاد في إدراكها"[2].
وقد يتساءل كثير من المسلمين: كيف نعرف ليلة القدر؟ وهل لها علامات تعرف بها؟ وما صفاتها؟
ولأن "الأحاديث التي في ليلة القدر ليس فيها حديث صريح بأنها ليلة كذا وكذا"[3]؛ نود أن نذكر هنا العلامات التي ذكر العلماء بأنها تدل على هذه الليلة العظيمة، ونورد ما صحَّ من الأحاديث في هذا الموضوع فنقول:
من علامات ليلة القدر:
1- أنها ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة:
فعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله : "ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء"[4].
2- أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها وتصبح ضعيفة حمراء:
فعن زر بن حبيش قال: سمعت أبيَّ بن كعب يقول -وقيل له إن عبد الله بن مسعود
يقول: من قام السنة أصاب ليلة القدر- فقال أُبيّ: "والله الذي لا إله إلا
هو إنها لفي رمضان -يحلف ما يستثني-، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي
الليلة التي أمرنا بها رسول الله بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، وأمارتها: أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها"[5].
ولا
بأس أن يجمع بين هذا الأثر، وبين الحديث السابق "تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة
حمراء" بأن يقال: إنها أول ما تبدو ضعيفة حمراء، ثم تكون بيضاء لا شعاع
لها إلى ما شاء الله، ثم تعود على طبيعتها.
3- ليلة لا يُرمى فيها بنجم:
فعن واثلة بن الأسقع ، عن رسول الله قال: "ليلة
القدر بلجة، لا حارة ولا باردة، (ولا سحاب فيها، ولا مطر، ولا ريح)، ولا
يرمى فيها بنجم، ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها"[6].
وذكر بعض العلماء علامات أخرى، منها:
4- زيادة النور في تلك الليلة، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن[7].
5- أنها ليلة الأوتار من العشر الأواخر:
وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة، منها حديث أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "وقد رأيت هذه الليلة فأنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في كل وتر"[8].
قال ابن تيمية رحمه الله: "ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صح عن النبي أنه قال: (هي في العشر الأواخر من رمضان)[9].
وتكون في الوتر منها، لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى
وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع
وعشرين"[10].
أما غير هذه العلامات، فهي علامات كما قيل: "لا أصل لها"[11].
نسأل الله I
أن يبلغنا ليلة القدر ونحن في صحة وعافية، وأن يوفقنا لقيامها، والاجتهاد
فيها، وأن يكتب لنا فيها خير ما كتبه لعباده الصالحين. والحمد لله رب
العالمين[12].
[1]تفسير البغوي 8/491.[2]المجموع 6/447.[3]زاد المعاد 1/376.[4]أخرجه الطيالسي في مسنده برقم (2680)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (9606).[5]رواه مسلم برقم (1821).[6]رواه الطبراني في الكبير برقم (17605)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (9603) إلا ما بين القوسين فقد ضعفه.[7]إعانة المسلم في شرح صحيح مسلم 1/84.[8]رواه البخاري برقم (1914)، ومسلم برقم (2826)، واللفظ لمسلم.[9]رواه البخاري برقم (2022)، دون ذكره كلمة: رمضان.[10]الفتاوى الكبرى 2/475.[11]إعانة المسلم في شرح صحيح مسلم 1/84.[12] موقع رمضانيات، الرابط: http://www.ramadan.ws/view/734
الخلق أجمعين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما
بعد:
أيها المسلمون، من نفحات الله وبركاته الفاضلة الجزيلة
علينا في هذا الشهر العظيم؛ هذه الليلة الجليلة التي سميت بـ"ليلة القدر"،
وما
أدراك ما هي!! إنها خير من ألف شهر، قال المفسرون: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]، معناه: "عمل صالح في ليلة القدر
خير من عَمِل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر"[1]. وقال الإمام النووي
-رحمه الله-: "ليلة القدر مختصة بهذه الأمة، زادها الله شرفًا، فلم تكن
لمن قبلها". وقال أيضًا: "ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة، ويستحب طلبها
والاجتهاد في إدراكها"[2].
وقد يتساءل كثير من المسلمين: كيف نعرف ليلة القدر؟ وهل لها علامات تعرف بها؟ وما صفاتها؟
ولأن "الأحاديث التي في ليلة القدر ليس فيها حديث صريح بأنها ليلة كذا وكذا"[3]؛ نود أن نذكر هنا العلامات التي ذكر العلماء بأنها تدل على هذه الليلة العظيمة، ونورد ما صحَّ من الأحاديث في هذا الموضوع فنقول:
من علامات ليلة القدر:
1- أنها ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة:
فعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله : "ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء"[4].
2- أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها وتصبح ضعيفة حمراء:
فعن زر بن حبيش قال: سمعت أبيَّ بن كعب يقول -وقيل له إن عبد الله بن مسعود
يقول: من قام السنة أصاب ليلة القدر- فقال أُبيّ: "والله الذي لا إله إلا
هو إنها لفي رمضان -يحلف ما يستثني-، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي
الليلة التي أمرنا بها رسول الله بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، وأمارتها: أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها"[5].
ولا
بأس أن يجمع بين هذا الأثر، وبين الحديث السابق "تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة
حمراء" بأن يقال: إنها أول ما تبدو ضعيفة حمراء، ثم تكون بيضاء لا شعاع
لها إلى ما شاء الله، ثم تعود على طبيعتها.
3- ليلة لا يُرمى فيها بنجم:
فعن واثلة بن الأسقع ، عن رسول الله قال: "ليلة
القدر بلجة، لا حارة ولا باردة، (ولا سحاب فيها، ولا مطر، ولا ريح)، ولا
يرمى فيها بنجم، ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها"[6].
وذكر بعض العلماء علامات أخرى، منها:
4- زيادة النور في تلك الليلة، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن[7].
5- أنها ليلة الأوتار من العشر الأواخر:
وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة، منها حديث أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "وقد رأيت هذه الليلة فأنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في كل وتر"[8].
قال ابن تيمية رحمه الله: "ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صح عن النبي أنه قال: (هي في العشر الأواخر من رمضان)[9].
وتكون في الوتر منها، لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى
وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع
وعشرين"[10].
أما غير هذه العلامات، فهي علامات كما قيل: "لا أصل لها"[11].
نسأل الله I
أن يبلغنا ليلة القدر ونحن في صحة وعافية، وأن يوفقنا لقيامها، والاجتهاد
فيها، وأن يكتب لنا فيها خير ما كتبه لعباده الصالحين. والحمد لله رب
العالمين[12].
[1]تفسير البغوي 8/491.[2]المجموع 6/447.[3]زاد المعاد 1/376.[4]أخرجه الطيالسي في مسنده برقم (2680)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (9606).[5]رواه مسلم برقم (1821).[6]رواه الطبراني في الكبير برقم (17605)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (9603) إلا ما بين القوسين فقد ضعفه.[7]إعانة المسلم في شرح صحيح مسلم 1/84.[8]رواه البخاري برقم (1914)، ومسلم برقم (2826)، واللفظ لمسلم.[9]رواه البخاري برقم (2022)، دون ذكره كلمة: رمضان.[10]الفتاوى الكبرى 2/475.[11]إعانة المسلم في شرح صحيح مسلم 1/84.[12] موقع رمضانيات، الرابط: http://www.ramadan.ws/view/734