أحكام الحج
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، الحمدُ للهِ الواحدِ الأحد الفردِ الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أحمده تعالى وأستهديهِ وأستغفرهُ وأتوبُ إليهِ وأعوذُ باللهِ من شرورِ أنفُسنا وسيئاتِ أعمالنا، من يهد اللهُ فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا.
والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا وحبيبِنا وعظيمِنا وقرّةِ أعينِنا أحمدَ بعثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هاديًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى اللهِ بإذنه سراجًا وهاجًا وقمرًا منيرًا، فهدى اللهُ به الأمّةَ وكشفَ به عنها الغُمّةَ وبلّغَ الرسالةَ وأدى الأمانةَ ونصحَ الأمّةَ فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائه. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولهُ صلى الله عليه وعلى كلّ رسولٍ أرسله.
أما بعدُ عبادَ اللهِ فإني أوصي نفسي وإياكم بتقوى اللهِ العليِ العظيم فاتقوه.
قال تعالى :{وللهِ على الناسِ حجّ البيتِ من استطاع إليهِ سبيلاً} وروى البخاري ومسلم عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ :"بنيَ الإسلامُ على خمسٍ شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنّ محمّدًا رسولُ الله، وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ، وحَجِ البيتِ، وصومِ رمضانَ".
اعلموا يا عبادَ اللهِ أن الحجَّ فريضةٌ عظيمةٌ، وفيهِ من المزايا ما ليسَ في غيرهِ.
يقولُ العالمُ الجليلُ عبدُ اللهِ الحدّادُ الحضرميُّ الملقّبُ بالفقيهِ المقدَّمِ :"إن من تكلفَ الحجَّ شوقًا إلى بيتِ اللهِ وحِرصًا على إقامةِ الفريضِة إيمانهُ أكملُ وثوابهُ أعظمُ وأجزَلُ لكن بشرطِ أن لا يُضيعَ بسببهِ شيئًا من الفرائضِ، وإلا كانَ ءاثمًا واقعًا في الحرجِ كمن بنى قَصرًا وهدمَ مِصرًا" فليسَ لمن لا مالَ لهُ يكفيهِ للحجِ ونَفَقةِ أهلهِ الواجبةِ عليهِ كزوجتهِ وأطفالهِ الصغارِ أن يَترُكَ أهلَهُ بلا نفقةٍ ويُعرّضَهُم للتلفِ بالجوعِ ونحوهِ ويذهبَ للحجِ.
وقد جعلَ اللهُ للحجّ مزيّةً ليست للصلاةِ ولا للزكاةِ مع أن الصلاة هي أعظمُ منه وأفضلُ إلا أن اللهَ خَصَّهُ بأنهُ يكفّرُ الكبائرَ والصغائرَ لقولهِ صلى الله عليه وسلم "من حجَّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ خرجَ من ذنوبهِ كيومَ ولدَتْهُ أمّهُ" فمن كانَ حجهُ مبرورًا يكونُ كذلكَ أي يتجنبُ كبائرَ الذنوبِ في حجِّه ويتجنبُ الرّفَثَ أي الجماعَ وإلا فلا يجعلهُ حجهُ كيومَ ولدتهُ أمّهُ.
والحجُّ فرضٌ بالإجماعِ على المستطيعِ، ومن أنكرَ وجوبَهُ على المستطيعِ فقد كفرَ إلا أن يكونَ قريبَ عهدٍ بالإسلامِ، أو نحوَهُ.
وأما تركهُ مَعَ الاستطاعةِ مَعَ اعتقادِ وجوبهِ وفرضيتهِ فلا يكونُ كفرًا.
وأما العمرةُ فقد اختُلِفَ فيها فذهبَ بعضُ الأئمةِ كالإمامِ الشافعيِ إلى فرضيتِها وذهبَ بعضٌ إلى أنها سُنةٌ ليست فرضًا.
وللحج شروطٌ وأركانٌ وواجباتٌ وسننٌ ينبغي تَعلُّمُها لمن أرادَ النُّسُكَ فأولُ أركانِ الحجِ النيةُ وهو الإحرامُ فعلى من أرادَ الحجَّ أن ينويَ بقلبهِ قبلَ مجاوزةِ الميقاتِ وهو بالنسبةِ لمن سافرَ من هذهِ البلادِ بلادِ الشامِ بطريقِ البرِ ءابارُ عليٍ، بعدَ المدينةِ بنحو خَمْسَةَ عشَر كيلو مترًا على طريقِ مكةَ، أما بالنسبةِ للذي يسافرُ من بلدهِ بالطائرةِ فيُحْرِمُ في بلدهِ أو في الطائرةِ قبلَ مجاوزةِ الميقاتِ.
فيستَحَبُّ له قبلَ الإحرامِ أن يغتَسِلَ ويتطيبَ ويتجردَ عن الملبوسِ الذي يَحرُمُ لُبْسُهُ على المحرمِ الذكرِ كالقميصِ والسروالِ، ويلبَسُ إزارًا ورداءً ثم يصلي ركعتينِ ينوي بهِما سُنَّةَ الإحرامِ.
ثم بعدَ الصلاةِ يُحرِمُ، والإحرامُ معناهُ أن ينويَ بقلبهِ فِعْلَ الحجِ أو العمرةِ أو كِلَيهِما على حَسَبِ مرادهِ، والأفضلُ في مذهبِ الشافعيِ الإفرادُ أي أن يأتيَ بالحجِ أولا ثم يأتي بالعمرةِ، فمن أرادَ الحجَّ يقولُ نويتُ الحجَّ وأحرمتُ بهِ للهِ تعالى ثم يُستَحَبُّ بعدَ ذلكَ أن يلبيَ فيقولَ لبيكَ اللهم لبيك، لبيكَ لا شريكَ لَكَ لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك، لا شريكَ لك. والرجالُ يجهرونَ بها، أما النساءُ فلا يَجهرنَ بها فإذا وصلَ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ توجَّهَ إلى الكعبةِ المشرفةِ بخشوعٍ وتدبرٍ لجلالةِ البقعةِ التي هو فيها فهو في خيرِ بقاعِ الأرضِ، ويتلطفُ بمن يزاحِمُهُ ويحترزُ من إيذاءِ الناسِ فإذا وقعَ بصرُهُ على الكعبةِ رفعَ يديهِ بالدعاءِ، ولا ينْسَنَا من الدعاءِ فإن الدعاء عند رؤيةِ الكعبةِ مستجابٌ، ويدعو بما أحبَّ من حاجاتِ الآخرةِ والدنيا.
ويطوفُ حولَ البيتِ تَحيةً لهُ طوافَ القدومِ الذي هو سنةٌ ليسَ واجبًا. ويكونُ متوضئًا، ويبدأُ الطوافَ من الحجرِ الأسودِ وقد جَعَلَ كَتِفَهُ الأيسرَ إلى الكعبةِ ولسانُ حالهِ في كل الطَّوْفات السبعِ: أَنْ يا ربَّنا نحنُ كيفما دُرنا وتَوجَّهْنا فنحنُ نثبتُ على طاعتِكَ.
فكما المسلمونَ يطوفونَ حولَ كعبةِ الأَرضِ كذلكَ الملائكةُ الذينَ حولَ العرشِ يطوفونَ حولَ العرشِ الذي جَعَلَهُ اللهُ كعبةً للملائكةِ الذينَ حولَهُ، يصلونَ عليهِ ويطوفونَ حولَهُ وحاشا أن يكونَ مكانًا للهِ...
وإن استطاعَ يقصدُ الحجرَ الأسودَ فيستَلِمُهُ ثم يقبلهُ من غيرِ صوتٍ يظهرُ في القُبلةِ اقتداءً بالرسولِ صلى الله عليه وسلم، فهو لؤلؤةٌ من الجنة نزلَ بهِ سيدُنا جبريلُ ليوضَعَ في الكعبةِ لكنهُ اسودَّ من تمسحِ المشركينَ بهِ بعدَ وفاةِ نبيّ اللهِ إسماعيلَ حتى يكونَ عبرةً لمن يعتبرُ بأن الذنوبَ إذا كانت تؤثرُ في الحجرِ فكيفَ لا تؤثرُ في القلوبِ. ويحرصُ في طوافهِ أن يكون خارجَ الكعبةِ في كلّ أجزائِها، وخارجَ الشاذَروانِ وهو جزءٌ من أساس الكعبةِ مرتفعٌ عن الأرضِ قدرَ ذراعٍ، وخارجَ حِجرِ إسماعيلَ وهو جدارٌ في شماليّ الكعبةِ وهو من الكعبةِ، ولكنْ أزاحَهُ السيلُ لكنهُ من الكعبةِ، فإذا انتهى من الطوافِ يُسَنُّ له أن يصليَ ركعتَي الطوافِ.
ثم إن الحجاجَ يتوجهونَ بعدَ ذلكَ إلى عرفةَ ليؤَدوا الركنَ الثاني وهو الوقوفُ بعرفةَ، وهو مكانٌ معروفٌ خارجَ الحرمِ يُشترطُ أن يكونَ فيهِ ولو للحظةٍ بينَ زوالِ اليومِ التاسعِ من ذي الحجةِ إلى فجرِ العيدِ وليس شرطًا أن يكونَ هناكَ واقفًا بل لو دخلَ راكبًا أو نائمًا صَحَّ ذلكَ. وليكن متطهرًا متباعدًا عن الحرامِ والشُّبَهِ في طعامهِ وشرابهِ ولِباسهِ ومركوبهِ، وليكثرْ مِنَ الاستغفارِ والتلفظِ بالتوبةِ من جميعِ المخالفاتِ مَعَ الاعتقادِ بالقلبِ، وليكثر من البكاءِ مَعَ الذكرِ والدعاءِ، فهناكَ تُسكبُ العَبَراتُ، وتُستقالُ العَثَراتُ، وتُرجى إجابَةُ الطلباتِ، وإنهُ لمجمعٌ عظيمٌ وموقفٌ كريمٌ يجتمعُ فيهِ خيارُ عبادِ اللهِ المخلصينَ وخواصُهُ المقربونَ وهو أعظمُ مجامعِ الدنيا.
وثبتَ في صحيحِ مسلمٍ عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ :"ما من يومٍ أكثرَ من أن يُعتقَ اللهُ تعالى فيهِ عبدًا من النارِ من يومِ عرفةَ" وعن الفضيلِ بنِ عياضٍ رضيَ اللهُ عنه أنهُ نظرَ إلى بكاءِ الناسِ بعرفةَ فقالَ :"أرأيتم لو أن هؤلاءِ صاروا إلى رجلٍ واحدٍ فسألوهُ دانِقًا (أي سُدُسَ دِرهمٍ) أكانَ يردُّهم؟ قيلَ: لا، قالَ: واللهِ للمغفرةُ عندَ اللهِ عز وجل أهونُ من إجابةِ رجلٍ لهم بدانِقٍ".
وينبغي أن يبقى في الموقفِ حتى تغربَ الشمسُ فيجمعُ في وقوفهِ بينَ الليلِ والنهارِ.
وبعدَ الوقوفِ في عرفةَ يُفيضُ الحجاجُ من عَرفةَ إلى مزدلفةَ حيثُ يبيتونَ ويجمعونَ الحصى التي سيرمونَ بها الجمارَ التي في منًى.
ورميُ الجمارِ الثلاثِ أيامَ التشريقِ هو من الواجباتِ وليسَ من الأركانِ فلو تَركَها صحَّ حَجهُ مَعَ الإثمِ وعليهِ ذبحٌ. ويخرجُ الحجاجُ من مزدلفةَ فجرَ يومِ العيدِ إلى منًى لرمي جَمْرةِ العقبةِ ـ وهي الجمرةُ الكبرى ـ بسبعِ حَصَيَاتٍ، ويشترطُ أن يَرميها حصاةً حصاةً بيدهِ في الحوضِ المخصصِ لها، ويسنُّ أن يكبرَ عندَ الرجمِ ولا يرمي الحصياتِ دُفعةً واحدةً، ولا يصحُّ التوكيلُ بالرجمِ إلا للعاجزِ عن ذلكَ بنفسهِ، ويَحرصُ أن يَرجُمَ بعدَ منتصفِ ليلةِ العيدِ ولسانُ حالهِ: أنْ يا إبليسُ لو ظهرتَ لنا كما ظهرتَ لإبراهيمَ عليه السلام لرميناكَ بالحصى كما رماكَ إبراهيمُ عليه السلام.
وقد روي عن سيدِنا عبدِ الله بنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما أنه قالَ عن الحصى التي تُرمى بها الجمارُ :"ما تُقُبِّلَ منها رُفِعَ، وما لم يُتقَبلْ تُرِكَ، ولولا ذلكَ لسدَّ ما بينَ الجبلَين". وبعدَ رمي جمرةِ العقبةِ له أن يحلِقَ رأسَهُ أو يُقَصِّرَ ولو ثلاثَ شَعَراتٍ، فيتحللُ التحللَ الأولَ، فيحِلُّ له ما حرُمَ بالإحرام من طيبٍ ودُهنٍ وقَلْمِ ظُفْرٍ وإزالةِ شَعْرٍ ولُبسِ مُحيطٍ بخياطةٍ وغيرِها إلا عَقْدَ النكاحِ والجماعَ فإنها لا تحلُّ إلا بعدَ التحللِ الثاني.
أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمدهُ ونستغفرهُ ونَستعينه ونستهديهِ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفُسِنا ومن سيئات أعمالِنا، من يهدِ اللهُ فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديَ له وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولهُ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ وعلى كلّ رسولٍ أرسله.
بعد رمي جمْرَةِ العقبةِ يذهبُ الحجاجُ لإكمالِ ما تبقى من الأركانِ وهما طوافُ الإفاضةِ والسعيُ بينَ الصفا والمروةِ، إذا لم يكن سعى بعدَ طوافِ القدومِ قبلَ الوقوفِ بعرفةَ إذا عمِلَ طوافَ الإفاضةِ يكونُ تحللَ التحللَ الثاني فيحِلُّ بهِ عقدُ النكاحِ والجماعُ.
والأمورُ الثلاثةُ التي يتِمُّ بها التَّحللُ هي: رميُ جمرةِ العَقَبةِ وطوافُ الإفاضةِ والحلقُ أو التقصيرُ، ووقتُها يبدأُ بعدَ منتصفِ ليلةِ العيدِ وليسَ قبلَهُ. وبعدَ الطوافِ يكونُ السعيُ بينَ الصفا والمروةِ، وهو من الأركانِ التي لا يصحُّ الحجُّ بدونها، فيسعى سبعَ مراتٍ مبتدئًا بالصفا إلى المروةِ ثم من المروةِ إلى الصفا وهكذا سبعَ مراتٍ وفي كلّ ذهابٍ أو إيابٍ تُحسَبُ شَوطًا، ولا يشترطُ فيه الطهارةُ إنما تُستحَبُّ، ويذكرُ اللهَ ويدعوهُ بما شاء بأي لفظٍ شاء.
شُكرًا للهِ أن جعلَ مكةَ بلدًا ءامنا بعدَ أن كانت هاجرُ تبحثُ فيها عن الماءِ ومَعَها ولدُها إسماعيلُ حتى أتى جبريلُ عليهِ السلامُ فضرَبَ بجناحَيهِ الأرضَ فخرجَ الماء فصارت هاجرُ تَزُمُّهُ، ولولا أنَّ هاجرَ زمزمتهُ بيدِها لكانَ عينًا مَعينًا أي عينًا تجري بقوةٍ.
فيتلخصُ أن أركانَ الحجِ ستةٌ الإحرامُ والوقوفُ بعرفةَ والطوافُ والسعيُ والحلقُ أوِ التقصيرُ والترتيبُ في معظمِ الأركانِ. والسعيُ يَصِحُّ لو فَعَلَهُ قبلَ الوقوفِ بعرفةَ ولكن يشترطُ لهُ طوافٌ قبلَهُ ولو كانَ طوافَ القدومِ.
فنسألُ الله العليَّ القديرَ أن يوفِقَنا لأداءِ الطاعاتِ كما يُحِبُّ ويرضى.
عباد الله اتقوا الله في السر والعلن، واعلَموا أنَّ الله أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيّهِ الكريمِ فقالَ {إن الله وملائكتَه يصلّون على النبيّ يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا} اللّهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ (2)}.
اللَّهُمَّ إنَّا دعوناك فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللَّهمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافنا في أمرنا اللَّهمَّ اغفرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ ربنَا ءاتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذاب النار اللَّهم اجعلنا هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللَّهمَّ استر عوراتِنا وءَامِن رَوعاتِنا واكفِنا ما أهمَّنا وقِنا شرَّ ما نتخوف.
عباد الله {إن الله يأمرُ بالعدل والإحسانِ وإيتاءِ ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعِظُكم لعلكم تذكَّرون} [سورة النحل] وأقم الصلاة.
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، الحمدُ للهِ الواحدِ الأحد الفردِ الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أحمده تعالى وأستهديهِ وأستغفرهُ وأتوبُ إليهِ وأعوذُ باللهِ من شرورِ أنفُسنا وسيئاتِ أعمالنا، من يهد اللهُ فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا.
والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا وحبيبِنا وعظيمِنا وقرّةِ أعينِنا أحمدَ بعثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هاديًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى اللهِ بإذنه سراجًا وهاجًا وقمرًا منيرًا، فهدى اللهُ به الأمّةَ وكشفَ به عنها الغُمّةَ وبلّغَ الرسالةَ وأدى الأمانةَ ونصحَ الأمّةَ فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائه. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولهُ صلى الله عليه وعلى كلّ رسولٍ أرسله.
أما بعدُ عبادَ اللهِ فإني أوصي نفسي وإياكم بتقوى اللهِ العليِ العظيم فاتقوه.
قال تعالى :{وللهِ على الناسِ حجّ البيتِ من استطاع إليهِ سبيلاً} وروى البخاري ومسلم عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ :"بنيَ الإسلامُ على خمسٍ شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنّ محمّدًا رسولُ الله، وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ، وحَجِ البيتِ، وصومِ رمضانَ".
اعلموا يا عبادَ اللهِ أن الحجَّ فريضةٌ عظيمةٌ، وفيهِ من المزايا ما ليسَ في غيرهِ.
يقولُ العالمُ الجليلُ عبدُ اللهِ الحدّادُ الحضرميُّ الملقّبُ بالفقيهِ المقدَّمِ :"إن من تكلفَ الحجَّ شوقًا إلى بيتِ اللهِ وحِرصًا على إقامةِ الفريضِة إيمانهُ أكملُ وثوابهُ أعظمُ وأجزَلُ لكن بشرطِ أن لا يُضيعَ بسببهِ شيئًا من الفرائضِ، وإلا كانَ ءاثمًا واقعًا في الحرجِ كمن بنى قَصرًا وهدمَ مِصرًا" فليسَ لمن لا مالَ لهُ يكفيهِ للحجِ ونَفَقةِ أهلهِ الواجبةِ عليهِ كزوجتهِ وأطفالهِ الصغارِ أن يَترُكَ أهلَهُ بلا نفقةٍ ويُعرّضَهُم للتلفِ بالجوعِ ونحوهِ ويذهبَ للحجِ.
وقد جعلَ اللهُ للحجّ مزيّةً ليست للصلاةِ ولا للزكاةِ مع أن الصلاة هي أعظمُ منه وأفضلُ إلا أن اللهَ خَصَّهُ بأنهُ يكفّرُ الكبائرَ والصغائرَ لقولهِ صلى الله عليه وسلم "من حجَّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ خرجَ من ذنوبهِ كيومَ ولدَتْهُ أمّهُ" فمن كانَ حجهُ مبرورًا يكونُ كذلكَ أي يتجنبُ كبائرَ الذنوبِ في حجِّه ويتجنبُ الرّفَثَ أي الجماعَ وإلا فلا يجعلهُ حجهُ كيومَ ولدتهُ أمّهُ.
والحجُّ فرضٌ بالإجماعِ على المستطيعِ، ومن أنكرَ وجوبَهُ على المستطيعِ فقد كفرَ إلا أن يكونَ قريبَ عهدٍ بالإسلامِ، أو نحوَهُ.
وأما تركهُ مَعَ الاستطاعةِ مَعَ اعتقادِ وجوبهِ وفرضيتهِ فلا يكونُ كفرًا.
وأما العمرةُ فقد اختُلِفَ فيها فذهبَ بعضُ الأئمةِ كالإمامِ الشافعيِ إلى فرضيتِها وذهبَ بعضٌ إلى أنها سُنةٌ ليست فرضًا.
وللحج شروطٌ وأركانٌ وواجباتٌ وسننٌ ينبغي تَعلُّمُها لمن أرادَ النُّسُكَ فأولُ أركانِ الحجِ النيةُ وهو الإحرامُ فعلى من أرادَ الحجَّ أن ينويَ بقلبهِ قبلَ مجاوزةِ الميقاتِ وهو بالنسبةِ لمن سافرَ من هذهِ البلادِ بلادِ الشامِ بطريقِ البرِ ءابارُ عليٍ، بعدَ المدينةِ بنحو خَمْسَةَ عشَر كيلو مترًا على طريقِ مكةَ، أما بالنسبةِ للذي يسافرُ من بلدهِ بالطائرةِ فيُحْرِمُ في بلدهِ أو في الطائرةِ قبلَ مجاوزةِ الميقاتِ.
فيستَحَبُّ له قبلَ الإحرامِ أن يغتَسِلَ ويتطيبَ ويتجردَ عن الملبوسِ الذي يَحرُمُ لُبْسُهُ على المحرمِ الذكرِ كالقميصِ والسروالِ، ويلبَسُ إزارًا ورداءً ثم يصلي ركعتينِ ينوي بهِما سُنَّةَ الإحرامِ.
ثم بعدَ الصلاةِ يُحرِمُ، والإحرامُ معناهُ أن ينويَ بقلبهِ فِعْلَ الحجِ أو العمرةِ أو كِلَيهِما على حَسَبِ مرادهِ، والأفضلُ في مذهبِ الشافعيِ الإفرادُ أي أن يأتيَ بالحجِ أولا ثم يأتي بالعمرةِ، فمن أرادَ الحجَّ يقولُ نويتُ الحجَّ وأحرمتُ بهِ للهِ تعالى ثم يُستَحَبُّ بعدَ ذلكَ أن يلبيَ فيقولَ لبيكَ اللهم لبيك، لبيكَ لا شريكَ لَكَ لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك، لا شريكَ لك. والرجالُ يجهرونَ بها، أما النساءُ فلا يَجهرنَ بها فإذا وصلَ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ توجَّهَ إلى الكعبةِ المشرفةِ بخشوعٍ وتدبرٍ لجلالةِ البقعةِ التي هو فيها فهو في خيرِ بقاعِ الأرضِ، ويتلطفُ بمن يزاحِمُهُ ويحترزُ من إيذاءِ الناسِ فإذا وقعَ بصرُهُ على الكعبةِ رفعَ يديهِ بالدعاءِ، ولا ينْسَنَا من الدعاءِ فإن الدعاء عند رؤيةِ الكعبةِ مستجابٌ، ويدعو بما أحبَّ من حاجاتِ الآخرةِ والدنيا.
ويطوفُ حولَ البيتِ تَحيةً لهُ طوافَ القدومِ الذي هو سنةٌ ليسَ واجبًا. ويكونُ متوضئًا، ويبدأُ الطوافَ من الحجرِ الأسودِ وقد جَعَلَ كَتِفَهُ الأيسرَ إلى الكعبةِ ولسانُ حالهِ في كل الطَّوْفات السبعِ: أَنْ يا ربَّنا نحنُ كيفما دُرنا وتَوجَّهْنا فنحنُ نثبتُ على طاعتِكَ.
فكما المسلمونَ يطوفونَ حولَ كعبةِ الأَرضِ كذلكَ الملائكةُ الذينَ حولَ العرشِ يطوفونَ حولَ العرشِ الذي جَعَلَهُ اللهُ كعبةً للملائكةِ الذينَ حولَهُ، يصلونَ عليهِ ويطوفونَ حولَهُ وحاشا أن يكونَ مكانًا للهِ...
وإن استطاعَ يقصدُ الحجرَ الأسودَ فيستَلِمُهُ ثم يقبلهُ من غيرِ صوتٍ يظهرُ في القُبلةِ اقتداءً بالرسولِ صلى الله عليه وسلم، فهو لؤلؤةٌ من الجنة نزلَ بهِ سيدُنا جبريلُ ليوضَعَ في الكعبةِ لكنهُ اسودَّ من تمسحِ المشركينَ بهِ بعدَ وفاةِ نبيّ اللهِ إسماعيلَ حتى يكونَ عبرةً لمن يعتبرُ بأن الذنوبَ إذا كانت تؤثرُ في الحجرِ فكيفَ لا تؤثرُ في القلوبِ. ويحرصُ في طوافهِ أن يكون خارجَ الكعبةِ في كلّ أجزائِها، وخارجَ الشاذَروانِ وهو جزءٌ من أساس الكعبةِ مرتفعٌ عن الأرضِ قدرَ ذراعٍ، وخارجَ حِجرِ إسماعيلَ وهو جدارٌ في شماليّ الكعبةِ وهو من الكعبةِ، ولكنْ أزاحَهُ السيلُ لكنهُ من الكعبةِ، فإذا انتهى من الطوافِ يُسَنُّ له أن يصليَ ركعتَي الطوافِ.
ثم إن الحجاجَ يتوجهونَ بعدَ ذلكَ إلى عرفةَ ليؤَدوا الركنَ الثاني وهو الوقوفُ بعرفةَ، وهو مكانٌ معروفٌ خارجَ الحرمِ يُشترطُ أن يكونَ فيهِ ولو للحظةٍ بينَ زوالِ اليومِ التاسعِ من ذي الحجةِ إلى فجرِ العيدِ وليس شرطًا أن يكونَ هناكَ واقفًا بل لو دخلَ راكبًا أو نائمًا صَحَّ ذلكَ. وليكن متطهرًا متباعدًا عن الحرامِ والشُّبَهِ في طعامهِ وشرابهِ ولِباسهِ ومركوبهِ، وليكثرْ مِنَ الاستغفارِ والتلفظِ بالتوبةِ من جميعِ المخالفاتِ مَعَ الاعتقادِ بالقلبِ، وليكثر من البكاءِ مَعَ الذكرِ والدعاءِ، فهناكَ تُسكبُ العَبَراتُ، وتُستقالُ العَثَراتُ، وتُرجى إجابَةُ الطلباتِ، وإنهُ لمجمعٌ عظيمٌ وموقفٌ كريمٌ يجتمعُ فيهِ خيارُ عبادِ اللهِ المخلصينَ وخواصُهُ المقربونَ وهو أعظمُ مجامعِ الدنيا.
وثبتَ في صحيحِ مسلمٍ عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ :"ما من يومٍ أكثرَ من أن يُعتقَ اللهُ تعالى فيهِ عبدًا من النارِ من يومِ عرفةَ" وعن الفضيلِ بنِ عياضٍ رضيَ اللهُ عنه أنهُ نظرَ إلى بكاءِ الناسِ بعرفةَ فقالَ :"أرأيتم لو أن هؤلاءِ صاروا إلى رجلٍ واحدٍ فسألوهُ دانِقًا (أي سُدُسَ دِرهمٍ) أكانَ يردُّهم؟ قيلَ: لا، قالَ: واللهِ للمغفرةُ عندَ اللهِ عز وجل أهونُ من إجابةِ رجلٍ لهم بدانِقٍ".
وينبغي أن يبقى في الموقفِ حتى تغربَ الشمسُ فيجمعُ في وقوفهِ بينَ الليلِ والنهارِ.
وبعدَ الوقوفِ في عرفةَ يُفيضُ الحجاجُ من عَرفةَ إلى مزدلفةَ حيثُ يبيتونَ ويجمعونَ الحصى التي سيرمونَ بها الجمارَ التي في منًى.
ورميُ الجمارِ الثلاثِ أيامَ التشريقِ هو من الواجباتِ وليسَ من الأركانِ فلو تَركَها صحَّ حَجهُ مَعَ الإثمِ وعليهِ ذبحٌ. ويخرجُ الحجاجُ من مزدلفةَ فجرَ يومِ العيدِ إلى منًى لرمي جَمْرةِ العقبةِ ـ وهي الجمرةُ الكبرى ـ بسبعِ حَصَيَاتٍ، ويشترطُ أن يَرميها حصاةً حصاةً بيدهِ في الحوضِ المخصصِ لها، ويسنُّ أن يكبرَ عندَ الرجمِ ولا يرمي الحصياتِ دُفعةً واحدةً، ولا يصحُّ التوكيلُ بالرجمِ إلا للعاجزِ عن ذلكَ بنفسهِ، ويَحرصُ أن يَرجُمَ بعدَ منتصفِ ليلةِ العيدِ ولسانُ حالهِ: أنْ يا إبليسُ لو ظهرتَ لنا كما ظهرتَ لإبراهيمَ عليه السلام لرميناكَ بالحصى كما رماكَ إبراهيمُ عليه السلام.
وقد روي عن سيدِنا عبدِ الله بنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما أنه قالَ عن الحصى التي تُرمى بها الجمارُ :"ما تُقُبِّلَ منها رُفِعَ، وما لم يُتقَبلْ تُرِكَ، ولولا ذلكَ لسدَّ ما بينَ الجبلَين". وبعدَ رمي جمرةِ العقبةِ له أن يحلِقَ رأسَهُ أو يُقَصِّرَ ولو ثلاثَ شَعَراتٍ، فيتحللُ التحللَ الأولَ، فيحِلُّ له ما حرُمَ بالإحرام من طيبٍ ودُهنٍ وقَلْمِ ظُفْرٍ وإزالةِ شَعْرٍ ولُبسِ مُحيطٍ بخياطةٍ وغيرِها إلا عَقْدَ النكاحِ والجماعَ فإنها لا تحلُّ إلا بعدَ التحللِ الثاني.
أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمدهُ ونستغفرهُ ونَستعينه ونستهديهِ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفُسِنا ومن سيئات أعمالِنا، من يهدِ اللهُ فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديَ له وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولهُ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ وعلى كلّ رسولٍ أرسله.
بعد رمي جمْرَةِ العقبةِ يذهبُ الحجاجُ لإكمالِ ما تبقى من الأركانِ وهما طوافُ الإفاضةِ والسعيُ بينَ الصفا والمروةِ، إذا لم يكن سعى بعدَ طوافِ القدومِ قبلَ الوقوفِ بعرفةَ إذا عمِلَ طوافَ الإفاضةِ يكونُ تحللَ التحللَ الثاني فيحِلُّ بهِ عقدُ النكاحِ والجماعُ.
والأمورُ الثلاثةُ التي يتِمُّ بها التَّحللُ هي: رميُ جمرةِ العَقَبةِ وطوافُ الإفاضةِ والحلقُ أو التقصيرُ، ووقتُها يبدأُ بعدَ منتصفِ ليلةِ العيدِ وليسَ قبلَهُ. وبعدَ الطوافِ يكونُ السعيُ بينَ الصفا والمروةِ، وهو من الأركانِ التي لا يصحُّ الحجُّ بدونها، فيسعى سبعَ مراتٍ مبتدئًا بالصفا إلى المروةِ ثم من المروةِ إلى الصفا وهكذا سبعَ مراتٍ وفي كلّ ذهابٍ أو إيابٍ تُحسَبُ شَوطًا، ولا يشترطُ فيه الطهارةُ إنما تُستحَبُّ، ويذكرُ اللهَ ويدعوهُ بما شاء بأي لفظٍ شاء.
شُكرًا للهِ أن جعلَ مكةَ بلدًا ءامنا بعدَ أن كانت هاجرُ تبحثُ فيها عن الماءِ ومَعَها ولدُها إسماعيلُ حتى أتى جبريلُ عليهِ السلامُ فضرَبَ بجناحَيهِ الأرضَ فخرجَ الماء فصارت هاجرُ تَزُمُّهُ، ولولا أنَّ هاجرَ زمزمتهُ بيدِها لكانَ عينًا مَعينًا أي عينًا تجري بقوةٍ.
فيتلخصُ أن أركانَ الحجِ ستةٌ الإحرامُ والوقوفُ بعرفةَ والطوافُ والسعيُ والحلقُ أوِ التقصيرُ والترتيبُ في معظمِ الأركانِ. والسعيُ يَصِحُّ لو فَعَلَهُ قبلَ الوقوفِ بعرفةَ ولكن يشترطُ لهُ طوافٌ قبلَهُ ولو كانَ طوافَ القدومِ.
فنسألُ الله العليَّ القديرَ أن يوفِقَنا لأداءِ الطاعاتِ كما يُحِبُّ ويرضى.
عباد الله اتقوا الله في السر والعلن، واعلَموا أنَّ الله أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيّهِ الكريمِ فقالَ {إن الله وملائكتَه يصلّون على النبيّ يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا} اللّهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ (2)}.
اللَّهُمَّ إنَّا دعوناك فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللَّهمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافنا في أمرنا اللَّهمَّ اغفرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ ربنَا ءاتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذاب النار اللَّهم اجعلنا هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللَّهمَّ استر عوراتِنا وءَامِن رَوعاتِنا واكفِنا ما أهمَّنا وقِنا شرَّ ما نتخوف.
عباد الله {إن الله يأمرُ بالعدل والإحسانِ وإيتاءِ ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعِظُكم لعلكم تذكَّرون} [سورة النحل] وأقم الصلاة.