العشر من ذي الحجة .. أدلة فضلها، آدابها، كشف شبهاتها
عبد التواب مصطفى خالد
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تستقبل الأمة الإسلامية بعد أيام بداية عشر ذي الحجة، التي تعتبر بداية
أكبر مشهد إيماني تعرفه البشرية، ففيها يتهيأ بعض المسلمين لأداء مناسك
الحج؛ ملبيا دعوة أبينا إبراهيم - عليه السلام - إلى البيت العتيق.والبعض
الآخر يجعل من التسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار وكثرة النوافل والصيام
وقراءة القرآن أفضل ما يتقربون به إلى خالقهم، حيث نفحات عشر ذي الحجة
عسى أن تصيبهم رحمة من الله ورضوان، فتحط الذنوب وترفع الدرجات، فقد روى
أنس بن مالك رضي الله - تعالى -عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: ((افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من
رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن
روعاتكم)) رواه أبو نعيم، وابن عساكر، وصححه الهيثمي في المجمع، وحسنه
الألباني في الصحيحة).
ولكي تغتنم أخي المسلم هذه النفحات على الوجه المشروع؛ أضع بين يديك أولا
بيان ما جاء في فضلها من الكتاب والسنة، ثم بيان أفضل القربات وكشف بعض
الشبهات سائلا من الله - تعالى - العون والتوفيق والإخلاص.
أولا: فضل ما جاء فيها من القرآن الكريم:
وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم، ومنها
قوله - تعالى -: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً
وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا
مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)
(سورة الحج: الآيتان 27 -28). حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله:
"عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "الأيام المعلومات أيام العشر".
كما جاء قول الحق- تبارك وتعالى -: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (سورة الفجر).
وقد
أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية: (وَلَيَالٍ عَشْر) قوله: هي
ليالي عشر ذي الحجة، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه". وأكد ذلك ابن
كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله: "والليالي العشر المراد بها عشر ذي
الحجة، كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف
".
ثانيا: السنة المطهرة:
ورد ذكر الأيام العشر من ذي الحجة في بعض أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي منها:
1-
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: يقول رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: ((ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ
(يعني أيامَ العشر). قالوا: يا رسول الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال:
ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك
بشيء)) رواه البخاري.
2-
عن جابر - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: ((ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيامَ عشر ذي الحجة)) قال: فقال رجلٌ:
يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداً في سبيل الله؟ قال: "هن أفضل من
عدتهن جهاداً في سبيل الله)) رواه البيهقي وصححه المنذري في الترغيب،
وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب.
3-
عن جابرٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
((إن العشرَ عشرُ الأضحى، والوترُ يوم عرفة، والشفع يوم النحر)) رواه أحمد،
وحسنه الهيثمي والزيلعي، وضعفه ابن كثير والألباني.
4-
وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أفضل أيام الدنيا أيام
العشر يعني عشر ذي الحجة ". قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟. قال "ولا
مثلهن في سبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب)) رواه ابن أبي الدنيا
والبزار، وحسنه الهيثمي والألباني.
5-
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال: ((ما من عملٍ أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر
الأضحى. قيل: ولا الجهادُ في سبيل الله؟. قال: "ولا الجهادُ في سبيل الله
إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء)) رواه الدارمي 1/357
وإسناده حسن كما في الإرواء الغليل للألباني 3/398. وكان سعيد بن جُبيرٍ
إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه" رواه
البيهقي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
لهذا أذكرك أخي المسلم باستغلال هذه الأيام القليلة المباركة بما يأتي:
1-
الإكثار من ذكر الله - سبحانه وتعالى - ودعائه وتلاوة القرآن الكريم لقوله
- تبارك وتعالى -: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ
مَعْلُومَاتٍ) (سورة الحج: الآية 28). ولما حث عليه الهدي النبوي من
الإكثار من ذكر الله - تعالى - في هذه الأيام على وجه الخصوص؛ فقد روي عن
عبد الله بن عمر -- رضي الله عنهما - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: ((ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه
الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التكبير، والتهليل، والتحميد)) رواه أحمد،
وصحّح إسناده الشيخ شاكر. وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض السلف كانوا
يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم،
ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر الله - تعالى -سواءً عقب
الصلوات، أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها.
كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها.
2-
الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله - تعالى - إذ
إن النوافل تجبر ما نقص من الفرائض، وهي من أسباب محبة الله لعبده وإجابة
دعائه، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات.
وقد
حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإكثار منها قولاً وعملاً، وهو ما
يؤكده الحديث الذي روي عن ثوبان - رضي الله عنه - أنه قال: سألت عن ذلك
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((عليك بكثرة السجود لله؛ فإنّك لا
تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً، وحطَّ عنك بها خطيئةً)) رواه
مسلم.
3-
الحرص على ذبح الأضاحي؛ لأنها من العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم
إلى الله - تعالى - في يوم النحر أو خلال أيام التشريق، عندما يذبح
القُربان من الغنم أو البقر أو الإبل، ثم يأكل من أُضحيته ويُهدي ويتصدق
على الفقراء والمساكين، وفي ذلك كثيرٌ من معاني البذل والتضحية والفداء،
والاقتداء بهدي النبوة المُبارك و الحث على التكافل الاجتماعي، وإدخال
البهجة والسرور على ذوي الحاجة والمعوذين.
4-
الإكثار من الصدقات المادية والمعنوية: لما فيها من التقرب إلى الله -
تعالى - وابتغاء الأجر والثواب منه - سبحانه - عن طريق البذل والعطاء
والإحسان للآخرين، قال - تعالى -: ((مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ
قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)) سورة الحديد:
الآية 11. ولما يترتب على ذلك من تأكيد الروابط الاجتماعية في المجتمع
المسلم، من خلال تفقد أحوال الفقراء والمساكين واليتامى والمُحتاجين وسد
حاجتهم.
وفي
ذلك عون لهم على إزالة ما يضمرونه من حقد أو حسد على الأغنياء، ثم لأن في
الصدقة أجرٌ عظيم وإن كانت معنويةً وغير مادية، فقد ورد في الحديث عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((على كل مُسلمٍ صدقة)) فقالوا: يا
نبي الله! فمن لم يجد؟ قال: ((يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق)) قالوا: فإن
لم يجد؟ قال: ((يُعين ذا الحاجة الملهوف)) قالوا: فإن لم يجد؟ قال:
((فليعمل بالمعروف وليُمسك عن الشر فإنها له صدقةٌ)) رواه البخاري.
5-
الصيام لكونه من أفضل العبادات الصالحة التي على المسلم أن يحرص عليها
لعظيم أجرها وجزيل ثوابها، ولما روي عن صيام النبي - صلى الله عليه وسلم -
في هذه الأيام المُباركة؛ فقد روي عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض
أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يصوم تسعَ ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيامٍ من كُلِ شهر، أول
اثنين من الشهر والخميس" (رواه النسائي 4/205 وأبو داود، وصححه الألباني
في صحيح أبي داود 2/462).
وآكد صيام هذه الأيام هو صيام يوم عرفة فقد روي عن أبي قتادة الأنصاري -
رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عرفة
فقال: ((يُكفِّر السنة الماضية والباقية)) رواه مسلم.
وقد
يحاول بعض الناس التقليل من شأن صيام العشر، أو النهي عن صومها محتجا
بحديث عائشة - رضي الله عنها -: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
صائما في العشر قط" رواه مسلم، وفي رواية: "لم يصم العشر".
والحديث كما قال العلماء: مما يوهم كراهة صوم العشرة، والمراد بالعشر هنا
الأيام التسعة من أول ذي الحجة لكن الإمام النووي في شرحه لحديث مسلم تعرض
لهذه المسألة، وذكر أقوال العلماء فيها بقوله: "قالوا: وهذا مما يتأول
فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابا شديدا لا سيما
التاسع منها، وهو يوم عرفة، وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في صحيح
البخاري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من أيام العمل
الصالح فيها أفضل منه في هذه)) - يعني: العشر الأوائل من ذي الحجة -.
فيتأول قولها: لم يصم العشر، أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو
أنها لم تره صائما فيه، ولا يلزم عن ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على
هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي - صلى الله
عليه وسلم - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي
الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: الاثنين من الشهر والخميس"
رواه أبو داود وهذا لفظه، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، ورواه أحمد
والنسائي وفي روايتهما (وخميسين).
وعلى فرض أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصم هذه الأيام، فإنه لا
يوجد دليل يدل على النهي أو الكراهة، بل الدليل هو على الحث عليها
واغتنمامها بأفضل الأعمال الصالحة بنص الحديث، ومعلوم أن أفضل العمال
الصالحة هو الصوم لعظم أجره فقد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: ((ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن
النار سبعين خريفاً)) متفق عليه.. أي مسيرة سبعين عاماً.
وعلى هذا يدخل الصوم في العمل الصالح الذي هو أحب الأعمال إلى الله -
تعالى - والمعروف أن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة: أقوال
وأفعال وإقرارات، والقول أقواها وأعظمها مرتبة والرسول - صلى الله عليه
وسلم - قال أحب الأعمال إلى الله - تعالى -.
وأذكر هنا الروايات الضعيفة والموقوفة على بعض الصحابة التي ذكرها ابن رجب
في فتح الباري، فقد قال فيما أخرج الترمذي وابن ماجه من رواية النهاس بن
قهم، عن قتادة، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي قالَ: ((ما من أيام
أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها
بسنة، وكل ليلة منها بليلة القدر)) رواه الترمذي. والنهاس ضعفوه. وذكر
الترمذي عن البخاري، أن الحديث يروى عن قتادة، عن ابن المسيب - مرسلا.
وروى ثوير بن أبي فاختة - وفيه ضعف -، عن مجاهد، عن ابن عمر، قالَ: "ليس
يوم أعظم عند الله من يوم الجمعة، ليس العشر؛ فإن العمل فيهِ يعدل عمل
سنة". وممن روي عنه: أن صيام كل يوم من العشر يعدل سنة: ابن سيرين وقتادة
وعن الحسن: صيام يوم منه يعدل شهرين".
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن خير الأيام لصيام التطوع
فكان جوابها: "أفضل الأيام لصيام التطوع: الاثنين، والخميس، وأيام البيض
وهى: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، وعشر ذي الحجة وخاصة
يوم عرفة، والعاشر من شهر محرم مع صيام يوم قبله، أو يوم بعده وستة أيام من
شوال(فتوى رقم12128).
كل هذه الشواهد تبين لنا بما يدع مجالا للشك فضل صيام هذه الأيام واغتنامها على الوجه الأكمل.
ومع
ذلك لا نستطيع أن نجزم بفرضية صيامها أو تأكيدها، أو تأثيم من لم يصمها
أو لومه، فقد يكون لغير الصائم من القربات في هذه الأيام ما يعدل الصوم أو
أكثر. كما لا يجوز الإنكار على من آثر صيامها وجعلها من أفضل القربات
واعتباره مبتدعا في الدين، أو مخالفة لهدي سيد المرسلين لاسيما أن الشواهد
تؤيده وترجح كفته.
6-
التكبير والذكر في هذه الأيام بنوعيه المطلق والمقيد. لقوله - تعالى -:
(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) وقد فسرت بأنها
أيام العشر، واستحب العلماء لذلك كثرة الذكر فيها لحديث ابن عمر - رضي الله
عنهما -: ((ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه
الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التكبير، والتهليل، والتحميد)) رواه أحمد،
وصحّح إسناده الشيخ شاكر.
وروى البخاري - رحمه الله - عن ابن عمر وعن أبي هريرة - رضي الله عنهم -
أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم. وروى
إسحاق - رحمه الله - عن فقهاء التابعين رحمة الله عليهم أنهم كانوا
يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر
ولله الحمد.
ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها،
لقوله - تعالى -: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ).
ولا
يجوز التكبير الجماعي، وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد،
حيث لم ينقل ذلك عن السلف، وإنما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده، وهذا في
جميع الأذكار والأدعية إلا أن يكون جاهلاً فله أن يلقن من غيره حتى يتعلم،
ويشرع الالتزام في هذه الأيام أكثر من غيرها بالذكر المقيد، وهو الذي
يكون بعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة أو منفردا.
7-
التوبة النصوح والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب، والندم ورد مظالم
العباد، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة، فالمعاصي سبب البعد
والطرد، ومحل سخط الرب كما أن، الطاعات أسباب القرب والود والرحمة والقرب
والرضا من الرب، وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال: ((إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم
الله)) متفق عليه.
أخيرا نذكر كل مضحٍ أن لا يقص شيئا من شعره أو ظفره، وهذا الحكم يخص صاحب الأضحية فقط، ولا يخص الزوجة أو الأولاد.
نسأله - تعالى - أن يرزقنا فعل الخيرات، وعمل الصالحات، وأن يؤلف بين قلوبنا، ويهدينا سواء السبيل، إنه نعم المولى ونعم النصير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد التواب مصطفى خالد
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تستقبل الأمة الإسلامية بعد أيام بداية عشر ذي الحجة، التي تعتبر بداية
أكبر مشهد إيماني تعرفه البشرية، ففيها يتهيأ بعض المسلمين لأداء مناسك
الحج؛ ملبيا دعوة أبينا إبراهيم - عليه السلام - إلى البيت العتيق.والبعض
الآخر يجعل من التسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار وكثرة النوافل والصيام
وقراءة القرآن أفضل ما يتقربون به إلى خالقهم، حيث نفحات عشر ذي الحجة
عسى أن تصيبهم رحمة من الله ورضوان، فتحط الذنوب وترفع الدرجات، فقد روى
أنس بن مالك رضي الله - تعالى -عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: ((افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من
رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن
روعاتكم)) رواه أبو نعيم، وابن عساكر، وصححه الهيثمي في المجمع، وحسنه
الألباني في الصحيحة).
ولكي تغتنم أخي المسلم هذه النفحات على الوجه المشروع؛ أضع بين يديك أولا
بيان ما جاء في فضلها من الكتاب والسنة، ثم بيان أفضل القربات وكشف بعض
الشبهات سائلا من الله - تعالى - العون والتوفيق والإخلاص.
أولا: فضل ما جاء فيها من القرآن الكريم:
وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم، ومنها
قوله - تعالى -: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً
وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا
مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)
(سورة الحج: الآيتان 27 -28). حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله:
"عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "الأيام المعلومات أيام العشر".
كما جاء قول الحق- تبارك وتعالى -: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (سورة الفجر).
وقد
أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية: (وَلَيَالٍ عَشْر) قوله: هي
ليالي عشر ذي الحجة، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه". وأكد ذلك ابن
كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله: "والليالي العشر المراد بها عشر ذي
الحجة، كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف
".
ثانيا: السنة المطهرة:
ورد ذكر الأيام العشر من ذي الحجة في بعض أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي منها:
1-
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: يقول رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: ((ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ
(يعني أيامَ العشر). قالوا: يا رسول الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال:
ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك
بشيء)) رواه البخاري.
2-
عن جابر - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: ((ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيامَ عشر ذي الحجة)) قال: فقال رجلٌ:
يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداً في سبيل الله؟ قال: "هن أفضل من
عدتهن جهاداً في سبيل الله)) رواه البيهقي وصححه المنذري في الترغيب،
وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب.
3-
عن جابرٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
((إن العشرَ عشرُ الأضحى، والوترُ يوم عرفة، والشفع يوم النحر)) رواه أحمد،
وحسنه الهيثمي والزيلعي، وضعفه ابن كثير والألباني.
4-
وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أفضل أيام الدنيا أيام
العشر يعني عشر ذي الحجة ". قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟. قال "ولا
مثلهن في سبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب)) رواه ابن أبي الدنيا
والبزار، وحسنه الهيثمي والألباني.
5-
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال: ((ما من عملٍ أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر
الأضحى. قيل: ولا الجهادُ في سبيل الله؟. قال: "ولا الجهادُ في سبيل الله
إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء)) رواه الدارمي 1/357
وإسناده حسن كما في الإرواء الغليل للألباني 3/398. وكان سعيد بن جُبيرٍ
إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه" رواه
البيهقي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
لهذا أذكرك أخي المسلم باستغلال هذه الأيام القليلة المباركة بما يأتي:
1-
الإكثار من ذكر الله - سبحانه وتعالى - ودعائه وتلاوة القرآن الكريم لقوله
- تبارك وتعالى -: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ
مَعْلُومَاتٍ) (سورة الحج: الآية 28). ولما حث عليه الهدي النبوي من
الإكثار من ذكر الله - تعالى - في هذه الأيام على وجه الخصوص؛ فقد روي عن
عبد الله بن عمر -- رضي الله عنهما - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: ((ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه
الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التكبير، والتهليل، والتحميد)) رواه أحمد،
وصحّح إسناده الشيخ شاكر. وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض السلف كانوا
يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم،
ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر الله - تعالى -سواءً عقب
الصلوات، أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها.
كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها.
2-
الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله - تعالى - إذ
إن النوافل تجبر ما نقص من الفرائض، وهي من أسباب محبة الله لعبده وإجابة
دعائه، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات.
وقد
حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإكثار منها قولاً وعملاً، وهو ما
يؤكده الحديث الذي روي عن ثوبان - رضي الله عنه - أنه قال: سألت عن ذلك
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((عليك بكثرة السجود لله؛ فإنّك لا
تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً، وحطَّ عنك بها خطيئةً)) رواه
مسلم.
3-
الحرص على ذبح الأضاحي؛ لأنها من العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم
إلى الله - تعالى - في يوم النحر أو خلال أيام التشريق، عندما يذبح
القُربان من الغنم أو البقر أو الإبل، ثم يأكل من أُضحيته ويُهدي ويتصدق
على الفقراء والمساكين، وفي ذلك كثيرٌ من معاني البذل والتضحية والفداء،
والاقتداء بهدي النبوة المُبارك و الحث على التكافل الاجتماعي، وإدخال
البهجة والسرور على ذوي الحاجة والمعوذين.
4-
الإكثار من الصدقات المادية والمعنوية: لما فيها من التقرب إلى الله -
تعالى - وابتغاء الأجر والثواب منه - سبحانه - عن طريق البذل والعطاء
والإحسان للآخرين، قال - تعالى -: ((مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ
قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)) سورة الحديد:
الآية 11. ولما يترتب على ذلك من تأكيد الروابط الاجتماعية في المجتمع
المسلم، من خلال تفقد أحوال الفقراء والمساكين واليتامى والمُحتاجين وسد
حاجتهم.
وفي
ذلك عون لهم على إزالة ما يضمرونه من حقد أو حسد على الأغنياء، ثم لأن في
الصدقة أجرٌ عظيم وإن كانت معنويةً وغير مادية، فقد ورد في الحديث عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((على كل مُسلمٍ صدقة)) فقالوا: يا
نبي الله! فمن لم يجد؟ قال: ((يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق)) قالوا: فإن
لم يجد؟ قال: ((يُعين ذا الحاجة الملهوف)) قالوا: فإن لم يجد؟ قال:
((فليعمل بالمعروف وليُمسك عن الشر فإنها له صدقةٌ)) رواه البخاري.
5-
الصيام لكونه من أفضل العبادات الصالحة التي على المسلم أن يحرص عليها
لعظيم أجرها وجزيل ثوابها، ولما روي عن صيام النبي - صلى الله عليه وسلم -
في هذه الأيام المُباركة؛ فقد روي عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض
أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يصوم تسعَ ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيامٍ من كُلِ شهر، أول
اثنين من الشهر والخميس" (رواه النسائي 4/205 وأبو داود، وصححه الألباني
في صحيح أبي داود 2/462).
وآكد صيام هذه الأيام هو صيام يوم عرفة فقد روي عن أبي قتادة الأنصاري -
رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عرفة
فقال: ((يُكفِّر السنة الماضية والباقية)) رواه مسلم.
وقد
يحاول بعض الناس التقليل من شأن صيام العشر، أو النهي عن صومها محتجا
بحديث عائشة - رضي الله عنها -: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
صائما في العشر قط" رواه مسلم، وفي رواية: "لم يصم العشر".
والحديث كما قال العلماء: مما يوهم كراهة صوم العشرة، والمراد بالعشر هنا
الأيام التسعة من أول ذي الحجة لكن الإمام النووي في شرحه لحديث مسلم تعرض
لهذه المسألة، وذكر أقوال العلماء فيها بقوله: "قالوا: وهذا مما يتأول
فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابا شديدا لا سيما
التاسع منها، وهو يوم عرفة، وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في صحيح
البخاري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من أيام العمل
الصالح فيها أفضل منه في هذه)) - يعني: العشر الأوائل من ذي الحجة -.
فيتأول قولها: لم يصم العشر، أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو
أنها لم تره صائما فيه، ولا يلزم عن ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على
هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي - صلى الله
عليه وسلم - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي
الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: الاثنين من الشهر والخميس"
رواه أبو داود وهذا لفظه، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، ورواه أحمد
والنسائي وفي روايتهما (وخميسين).
وعلى فرض أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصم هذه الأيام، فإنه لا
يوجد دليل يدل على النهي أو الكراهة، بل الدليل هو على الحث عليها
واغتنمامها بأفضل الأعمال الصالحة بنص الحديث، ومعلوم أن أفضل العمال
الصالحة هو الصوم لعظم أجره فقد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: ((ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن
النار سبعين خريفاً)) متفق عليه.. أي مسيرة سبعين عاماً.
وعلى هذا يدخل الصوم في العمل الصالح الذي هو أحب الأعمال إلى الله -
تعالى - والمعروف أن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة: أقوال
وأفعال وإقرارات، والقول أقواها وأعظمها مرتبة والرسول - صلى الله عليه
وسلم - قال أحب الأعمال إلى الله - تعالى -.
وأذكر هنا الروايات الضعيفة والموقوفة على بعض الصحابة التي ذكرها ابن رجب
في فتح الباري، فقد قال فيما أخرج الترمذي وابن ماجه من رواية النهاس بن
قهم، عن قتادة، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي قالَ: ((ما من أيام
أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها
بسنة، وكل ليلة منها بليلة القدر)) رواه الترمذي. والنهاس ضعفوه. وذكر
الترمذي عن البخاري، أن الحديث يروى عن قتادة، عن ابن المسيب - مرسلا.
وروى ثوير بن أبي فاختة - وفيه ضعف -، عن مجاهد، عن ابن عمر، قالَ: "ليس
يوم أعظم عند الله من يوم الجمعة، ليس العشر؛ فإن العمل فيهِ يعدل عمل
سنة". وممن روي عنه: أن صيام كل يوم من العشر يعدل سنة: ابن سيرين وقتادة
وعن الحسن: صيام يوم منه يعدل شهرين".
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن خير الأيام لصيام التطوع
فكان جوابها: "أفضل الأيام لصيام التطوع: الاثنين، والخميس، وأيام البيض
وهى: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، وعشر ذي الحجة وخاصة
يوم عرفة، والعاشر من شهر محرم مع صيام يوم قبله، أو يوم بعده وستة أيام من
شوال(فتوى رقم12128).
كل هذه الشواهد تبين لنا بما يدع مجالا للشك فضل صيام هذه الأيام واغتنامها على الوجه الأكمل.
ومع
ذلك لا نستطيع أن نجزم بفرضية صيامها أو تأكيدها، أو تأثيم من لم يصمها
أو لومه، فقد يكون لغير الصائم من القربات في هذه الأيام ما يعدل الصوم أو
أكثر. كما لا يجوز الإنكار على من آثر صيامها وجعلها من أفضل القربات
واعتباره مبتدعا في الدين، أو مخالفة لهدي سيد المرسلين لاسيما أن الشواهد
تؤيده وترجح كفته.
6-
التكبير والذكر في هذه الأيام بنوعيه المطلق والمقيد. لقوله - تعالى -:
(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) وقد فسرت بأنها
أيام العشر، واستحب العلماء لذلك كثرة الذكر فيها لحديث ابن عمر - رضي الله
عنهما -: ((ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه
الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التكبير، والتهليل، والتحميد)) رواه أحمد،
وصحّح إسناده الشيخ شاكر.
وروى البخاري - رحمه الله - عن ابن عمر وعن أبي هريرة - رضي الله عنهم -
أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم. وروى
إسحاق - رحمه الله - عن فقهاء التابعين رحمة الله عليهم أنهم كانوا
يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر
ولله الحمد.
ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها،
لقوله - تعالى -: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ).
ولا
يجوز التكبير الجماعي، وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد،
حيث لم ينقل ذلك عن السلف، وإنما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده، وهذا في
جميع الأذكار والأدعية إلا أن يكون جاهلاً فله أن يلقن من غيره حتى يتعلم،
ويشرع الالتزام في هذه الأيام أكثر من غيرها بالذكر المقيد، وهو الذي
يكون بعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة أو منفردا.
7-
التوبة النصوح والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب، والندم ورد مظالم
العباد، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة، فالمعاصي سبب البعد
والطرد، ومحل سخط الرب كما أن، الطاعات أسباب القرب والود والرحمة والقرب
والرضا من الرب، وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال: ((إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم
الله)) متفق عليه.
أخيرا نذكر كل مضحٍ أن لا يقص شيئا من شعره أو ظفره، وهذا الحكم يخص صاحب الأضحية فقط، ولا يخص الزوجة أو الأولاد.
نسأله - تعالى - أن يرزقنا فعل الخيرات، وعمل الصالحات، وأن يؤلف بين قلوبنا، ويهدينا سواء السبيل، إنه نعم المولى ونعم النصير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.