مسلم وأفتخر


المعاصي تُمرض القلوب !  403042602



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مسلم وأفتخر


المعاصي تُمرض القلوب !  403042602

مسلم وأفتخر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مسلم وأفتخر

المنتدى الإسلامي مسلم وأفتخر يرحب بكم أعضاء وزوارا


    المعاصي تُمرض القلوب !

    avatar
    فارس الاقصى
    :: عضو فضي ::
    :: عضو فضي ::


    عدد المساهمات : 72
    تاريخ التسجيل : 12/04/2012

    المعاصي تُمرض القلوب !  Empty المعاصي تُمرض القلوب !

    مُساهمة من طرف فارس الاقصى سبتمبر 17th 2012, 15:49


    من كتاب :
    ""الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ""
    لابن قيم الجوزية ..

    المعاصي تمرض القلوب

    ومن عقوباتها : أنها تصرف القلب عن صحته واستقامته إلى مرضه وانحرافه ، فلا
    يزال مريضا معلولا لا ينتفع بالأغذية التي بها حياته وصلاحه ، فإن تأثير
    الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان ، بل الذنوب أمراض القلوب
    وداؤها ، ولا دواء لها إلا تركها .

    وقد أجمع السائرون إلى الله أن القلوب لا تعطى مناها حتى تصل إلى مولاها ،
    ولا تصل إلى مولاها حتى تكون صحيحة سليمة ، ولا تكون صحيحة سليمة حتى ينقلب
    داؤها ، فيصير نفس دوائها ، ولا يصح لها ذلك إلا بمخالفة هواها ، فهواها
    مرضها ، وشفاؤها مخالفته ، فإن استحكم المرض قتل أو كاد .

    وكما أن من نهى نفسه عن الهوى كانت الجنة مأواه ، فكذا يكون قلبه في هذه
    الدار في جنة عاجلة ، لا يشبه نعيم أهلها نعيما البتة ، بل التفاوت الذي
    بين النعيمين ، كالتفاوت الذي بين نعيم الدنيا والآخرة ، وهذا أمر لا يصدق
    به إلا من باشر قلبه هذا وهذا .

    ولا تحسب أن قوله تعالى : إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم [ سورة
    الانفطار : 13 - 14 ] مقصور على نعيم الآخرة وجحيمها فقط بل في دورهم
    الثلاثة كذلك - أعني دار الدنيا ، ودار البرزخ ، ودار القرار - فهؤلاء في
    نعيم ، وهؤلاء في جحيم ، وهل النعيم إلا نعيم القلب ؟ وهل العذاب إلا عذاب
    القلب ؟ وأي عذاب أشد من الخوف والهم والحزن ، وضيق الصدر ، وإعراضه عن
    الله والدار الآخرة ، وتعلقه بغير الله ، وانقطاعه عن الله ، بكل واد منه
    شعبة ؟ وكل شيء تعلق به وأحبه من دون الله فإنه يسومه سوء العذاب .

    [ ص: 77 ] فكل من أحب شيئا غير الله عذب به ثلاث مرات في هذه الدار ، فهو
    يعذب به قبل حصوله حتى يحصل ، فإذا حصل عذب به حال حصوله بالخوف من سلبه
    وفواته ، والتنغيص والتنكيد عليه ، وأنواع من العذاب في هذه المعارضات ،
    فإذا سلبه اشتد عليه عذابه ، فهذه ثلاثة أنواع من العذاب في هذه الدار .

    وأما في البرزخ : فعذاب يقارنه ألم الفراق الذي لا يرجو عودة وألم فوات ما
    فاته من النعيم العظيم باشتغاله بضده ، وألم الحجاب عن الله ، وألم الحسرة
    التي تقطع الأكباد ، فالهم والغم والحزن تعمل في نفوسهم نظير ما يعمل
    الهوام والديدان في أبدانهم ، بل عملها في النفوس دائم مستمر ، حتى يردها
    الله إلى أجسادها ، فحينئذ ينتقل العذاب إلى نوع هو أدهى وأمر ، فأين هذا
    من نعيم من يرقص قلبه طربا وفرحا وأنسا بربه ، واشتياقا إليه ، وارتياحا
    بحبه ، وطمأنينة بذكره ؟ حتى يقول بعضهم في حال نزعه : واطرباه .

    ويقول الآخر : مساكين أهل الدنيا ، خرجوا منها وما ذاقوا لذيذ العيش فيها ، وما ذاقوا أطيب ما فيها .

    ويقول الآخر : لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف .

    ويقول الآخر : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .

    فيا من باع حظه الغالي بأبخس الثمن ، وغبن كل الغبن في هذا العقد وهو يرى
    أنه قد غبن ، إذا لم يكن لك خبرة بقيمة السلعة فسل المقومين ، فيا عجبا من
    بضاعة معك الله مشتريها وثمنها جنة المأوى ، والسفير الذي جرى على يده عقد
    التبايع وضمن الثمن عن المشتري هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وقد
    بعتها بغاية الهوان ، كما قال القائل :


    إذا كان هذا فعل عبد بنفسه فمن ذا له من بعد ذلك يكرم


    ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء [ سورة الحج : 18 ] .


      الوقت/التاريخ الآن هو مارس 28th 2024, 09:41